Khasawneh_logo

 

لي الفخر أني أردنـي ... وسهـول الحوران موطنـي ...
والخصـــــاونــــة كنيتـي ...

Fayez_Khasawnehمجلس العشيرة مرة أخرى
مبادرة من معالي الدكتور فايز الخصاونة

أبناء وبنات العمومة،
تحية طيبة وبعد،،

لقد طرحت مبادرة لتشكيل مجلس للعشيرة في عام 2010، وشعرت في حينها أن المبادرة حظيت بتأييد واسع من جهة كما حظيت بانتقادات متعددة من جهة أخرى. وربما كان توقيتها غير موفق لأنها كانت قبيل الانتخابات النيابية، وظن البعض أنها كانت خطة تكتيكية تهدف للترويج لمرشح معين، رغم كل الحجج التي ذكـِرت في حينها للتأكيد على الهدف الأكبر، ألا وهو جمع شمل العشيرة. كما تلقيت انتقادات من بعض الأقارب والأصدقاء يستنكرون علي إنشغالي بموضوع "رجعي" مثل هذا الموضوع. ولأنني كنت وما زلت أرى أن الفكرة جيدة فقد بقيت تختمر في الوجدان، وأملي كبير هذه المرة أن تجد لديكم أصداء أكثر إيجابية وتفهما أكثر موضوعية، خصوصا أنني على يقين تام بأنها مبادرة تترجم رغبة جامحة استشعرها في كل المناسبات التي تجمعني بكم. وإزاء كل ذلك، أجد من الضروري أن أتناول موضوعين مهمين تمهيدا للخوض في منهجية تشكيل المجلس.

أولا، في موضوع العشائرية:

لقد وصلتني تعليقات وانتقادات مختلفة عندما طرحت مبادرة مجلس العشيرة، وأهمها ما اتصل بمفهوم العشائرية، حيث قيل أن النزعة العشائرية تنم عن عصبية جاهلية، وأنه من المستغرب أن تصدر عن شخص تربوي مثقف مثلي، وأن هذا ينم عن ارتباك في انتمائي الوطني وفي فهمي لمرتكزات الدولة المدنية الحديثة. وقال البعض أن المبادرة كان لها مآرب أخرى، وقال الكثيرون أن العشائرية مفهوم رجعي لا ينسجم مع الفكر الحديث.

لعله من المناسب بداية أن أشير إلى أن الانتقادات التي طرحت ضد مفهوم العشائرية تترجم ما يفكر فيه الكثيرون ليس في مجتمعنا الأردني فحسب بل وفي كل المجتمعات العربية.

إني لا أقلل من هذه الانتقادات ولكني أريد أن أناقشها بطريقة علمية وموضوعية. وأبدأ نقاشي بطرح تساؤل جريئ ربما يخالج وجدان كل واحد فيكم ولكن تحجمون عن الخوض فيه لأنه كما يقال "تغريد خارج السرب". والتساؤل هو حول مفهوم العشائرية: فهل هي شر مستطير حقا كما يصورها البعض، وهل هي ظاهرة من ظواهر الزمن الغابر الذي مضى ولن يعود، أم هي مفهوم تعرض للإفساد والتشويه ولكن يمكننا إصلاحه وتطويره وتسخيره للإفادة منه؟

إذا هناك مفهومان: الأول العشائرية المشوهة كما نراها اليوم في مجتمعنا، والثاني العشائرية السمحة التي نريد أن نعيد إخراجها لتعبر عن الجوانب الخيرة والقيم الإنسانية الرفيعة المنسجمة مع قيمنا الإسلامية وتقاليدنا العربية، لتصبح مكونا أساسيا من مكونات المجتمع المدني.

لم تكن العشائرية في المجتمعات العربية مصدر ظلم أو شر إلا عندما ضعفت هيبة الدولة وغاب القانون أو غاب تطبيقه. والأمثلة كثيرة على التشوهات والانحرافات التي تلحق بمفاهيم أخرى. فعندما اشتط الفكر القومي عند بعض الأمم ظهرت الفاشية والعنصرية، وأدى في بعض الأحيان إلى تسويغ التطهير العرقي. هذه كلها انحرافات ولكنها لا تنتقص من وجاهة الانتماء القومي عند الشعوب.  

لقد تشوه مفهوم العشائرية في أذهاننا وفي أفعالنا، بل وأصبح رديفا للرجعية ونقيضا للانتماء الوطني والقومي، وتهرب الكثير من المثقفين والحداثيين عن الحديث عنها بأي صورة إيجابية، ومن هذا المنطلق أجد لزاما علي أن أتحدث عن المسكوت عنه، مدركا أنني سوف أتعرض للكثير من الانتقاد.

رب قائل أن العشائرية بأبهى صورها تتناقض مع مفهوم المواطنة المتكافئة التي تساوي بين جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم. وهذا قول غير صحيح، فالعشائرية لا تتعارض مع مبدأ تساوي المواطنين في الحقوق والواجبات، ولا تصنف العشائر إلى طبقات، ولا ترتكز على اعتبارات عرقية أو مذهبية أو جهوية أو أي من النعوت السلبية التي تساق للقدح من مفهوم العشائرية السمحة.

العشائرية ترتكز أصلا على التواصل والتراحم والتواد بين ذوي القربى، والتعاون على البر والتقوى والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وهذه كلها من عزم الأمور. والعشائرية شكلت إطارا واضحا للأخلاق الحميدة التي يلتزم بها أفراد العشيرة اختيارا وحبا بالانتماء للمجموعة، كما شكلت مدخلا للتكافل الاجتماعي بأبهى صوره. والعشائرية لا تلغي ولا تقصي أحدا، ولا يمكن أن تكون موجهة ضد من "لا عشيرة له" لأننا جميعا أبناء عشائر، مهما كثر أو قل عديد عشيرة أي مواطن أردني. وهذه حقيقة غفل عنها الكثيرون وربما تغافلوا عنها. ومن القيم التي نمجدها في الفرد وفي العشيرة قيم حب الوطن والأمانة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقيم إكرام الضيف والنخوة والشهامة ونصرة المظلوم. وفي يقيني أنها كلها قيم رفيعة نثمنها ونسعى جاهدين لغرسها في نفوس ناشئتنا.  وعندما قيل "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما" ذهب الكثيرون في تفسيرها إلى حصر النصرة لأخيك في قرابة الدم، بينما نعلم أن تراثنا نص على نصرة "أخيك في الإنسانية" وليس أخاك بالقرابة فقط، وذلك برد الظلم عنه إن كان مظلوما وزجره عن ظلم الآخرين إن كان ظالما.

هذه بعض من قيم العشائرية السمحة، والمجال لا يتسع لسردها بالتفصيل، وخصوصا أنني على قناعة تامة أنكم جميعا تؤمنون بها في مكنون وجدانكم مهما تباينت أفكاركم العقائدية والحزبية، وأن قبولكم بها لا ينتقص من أي من انتماءاتكم وولاءاتكم الأخرى.

نعم، لقد تشوهت السلوكيات العشائرية وانحرفت كثيرا عن مرتكزاتها ومقاصدها، ولكن هذا لا يبرر لنا أن نترك المفهوم وما بني عليه من خير، بل علينا أن نصوب المفهوم قولا وفعلا.

وإزاء هذا الواقع، يصبح واجبا على العقلاء من أبناء العشائر، وهذا يعني منا جميعا، أن يطهروا مفهوم العشائرية من كل ما لحق به من تشويه وما التصق به من مفاهيم خاطئة. والعشائر الأردنية مدعوة للتسابق في ذلك وفي تصحيح سلوكياتها العشائرية لتصبح نموذجا يحتذي به. وأظن أن هذا هو تحديدا ديدننا نحن الخصاونه، وأظننا لسنا أول من سار في هذا الدرب القويم، بل نحن عشيرة واحدة من زمرة خيرة من العشائر ومن أهل النخوة والأصالة، نسعى دوما لأن نكون من بناة المجتمع الأردني العربي الحديث على كل الصعد. وحري بنا أن نجمع شملنا في مجلس للعشيرة وأن نطور هذا التجمع ليكون وسيلة للتواصل والتراحم والمثاقفة بين الأجيال.

 ثانيا في موضوع الانتخابات النيابية:

لا بد من تسجيل شكر وتقدير وإعجاب لما قامت به الثلة الخيرة من شباب العشيرة في جمع الكلمة وفي نبذ التفرقة وفي وضع سنة حميدة لانتخاب مرشح العشيرة، وهي سنة نبني عليها في مقبل الأيام ليس فقط في موضوع الانتخابات وإنما أيضا في كل المواضيع التي تظهر الجوانب المشرقة من صلة الرحم بين أفراد "العائلة الممتدة" كما يسميها علماء الاجتماع، والتي نعرفها بإسم العشيرة.

 لقد نهضت هذه العشيرة بادوار بارزة في مختلف المناطق التي سكنتها وخصوصا في ما يسمى الآن لواء بني عبيد وعلى مدى أكثر من قرنين إبان الدولة العثمانية، ثم في حقبة تأسيس الإمارة، ثم في بناء المملكة، وضربت مع باقي العشائر الأردنية وجنبا إلى جنب أروع الأمثلة في التفاني في خدمة الوطن وقدمت الشهداء العسكريين والمدنيين خلال تلك الفترات كلها، ورفدت المجتمع الأردني بمختلف الكفاءات، وكانت على الدوام وما تزال معينا لا ينضب لفعل الخير وإصلاح ذات البين.

 ولذلك، وبعد أن حظي إبن العم محمد فؤاد الخصاونه بإجماع العشيرة، فإننا مدعوون الآن لمؤازرته للفوز بمقعد نيابي عن لواء بني عبيد، وليكون ممثلا قويا أمينا ليس لعشيرته فقط ، ولا لعشائر بني عبيد مسلمين ومسيحيين فقط، بل ليكون نائب وطن  ناذرا نفسه للإصلاح المتدرج الحضاري مدركا لأولوياته في هذه الظروف الصعبة، وواضعا مصلحة الوطن والصالح العام على راس تلك الأولويات، يميز بين أعداء الوطن وأصدقاءه، ولا تحيد بوصلته عن القراءة المستنيرة للتقلبات السياسية الداخلية والخارجية. وهذه المؤازرة لا تنحصر فقط بمشاركتكم أنتم في الاقتراع، بل وأيضا في حض المعارف والأصدقاء وسائر الأهل والعزوة في لواء بني عبيد على المشاركة والمؤازرة.

 ثالثا: في مجلس العشيرة:

 سأعود لهذا الموضوع تحديدا بعد الانتخابات النيابية، راجيا من كل أبناء وبنات العمومة أن يشاركوا بالاقترع في 23/1/2013، وأن يستحضروا في عقولهم تبعات المقاطعة ليس فقط على العشيرة بل وأيضا على الوطن. فإن أردنا أن يكون لنا رأي فيما سيجري في الأربع سنوات القادمة، فلنرسل إلى البرلمان من يعبر عن رأينا ومن يواصل دور هذه العشيرة في بناء الوطن.

 

والله من وراء القصد

 

أ.د. فـايز خصـاونه
عمان
6 ربيع أول 1434هـ

الموافق 18/01/2013 م